ها قد عاد تلاميذنا إلى مدارسهم و إعدادياتهم و معاهدهم، و كلها بضعة أيام و ينطلق أولاد الكاف إلى كلياتهم و جامعاتهم.. بضعة أيام.. ترى خالتي مبروكة و ربح و حليمة و يمينة.. يحضرن زاد أولادهن.. ترى الآباء في الكاف يعيدون حسابات المال للمرة الآلف.. تُعطى فيها الأولية لابنه الذي يدرس في الجامعة البعيدة.. فلا كليات في الكاف.. و الطريق طويلة.. و الزاد قليل.. كلها بضعة أيام.. ينطلق أولاد الكاف إلى جامعاتهم و
ما رقبناه اليوم هو و إعلان السادة في أرض الحظ .. هناك.. في عاصمة السلطان انطلاق الدراسة في المدارس البراقة عندهم.. خرجوا بربطات عنق فاخرة و وجوه لامعة.. و كأس ماء معدني بلا شوائب.. ليقولوا لنا "الأحوال بخير.. و كل المدارس بخير.. و كل التلاميذ بخير".. في ذات الوقت.. جلس الفتى في عمق ريف بومفتاح و سيدي أحمد الصالح و كبوش و صالح البحري..الفالتة.. قلعة سنان... المحجوبة... سيدي خيار.. سركونة.. سيدي رابح... جزّة... في مقعد متهالك.. يُسمع أزيز معدنه من خارج القسم المتهالك.. بين الفينة والأخرى يُصفّر الريح من الشقوق الكثيرة.. في مدارسنا بأرياف الكاف.. حضر الجميع هناك اليوم، يوم العودة.. أتى الفتى في ما تيسر من لباس جديد.. ومعه والده.. إصطفوا أمام تحية العلم.. و اكتشفوا أن المدرسة بلا معلّم.. فالسلطان - الذي حدثهم البارحة أن الأحوال بخير- لم يجد الوقت بعد لتعيين معلم في ريف يغرق في الفقر والبطالة... اليوم عاد كل تلميذ لمقعده.. أياما قليلة.. ونرى بضعة مقاعد في مدرسة منسية لا تزال بلا تلميذ يلتحق بها.. فُقد قبل نصف سنة في حادث برج العيفة.. على الطريق هناك.. يومها قال السلطان انه ثمة مشكلة.. و وعد بحلها.. نزلت أمطار أواخر الشتاء و مسحت الدم عن طريق الموت و من ذاكرة السلطان.. اليوم عاد تلاميذ الكاف الى مدارسهم.. تذكروا يا فتيتي.. انتم أمل هذه البلاد.. تذكروا.. يا فتيتي.. أنتم أمل البلاد و الوطن إن حكمها سلطان جاحد.. كونوا رجالا.. لا تكترثوا لصفير الرياح من شقوق المدارس المتهالكة.. و لا للوحل الكثير في الطريق نحو المدرسة و لا الموت المتربص بالشاحنة الخفيفة على طريق برج العيفة.. فقط.. القلم و الكتب و الكراس.. ستصيرون رجالا.. و سيصير الكاف أحلى بكم..
كلياتهم البعيدة في الأراضي التونسية المحظوظة المكتظة بالجامعات.. يتركون ورائهم.. جبال عالية.. أشباح تتمادى فوق الطرق المحفرة.. سنبلة قصديرية ترمز للقمح المنهوب.. شعار كُتب بخط أسود رديء يقول في مجمله "الكاف العالي.. يستحق التنمية" .. يتركون وراءهم.. أحزابا كاذبة تتحدث عن العدل بين الجهات.. و حصة كبرى من الميزانية لأرض تونس المنسية.. يتركون وراءهم.. أم حائرة.. أيكفيه المصروف المتواضع؟؟ و والد يحلم.." غدا يكبر ابني ويصير ما أشتهي".. لا أحد يعلم أن السلطان في بلدي و إن تغير ألف مرة.. لا يزال كما اللعنة على ارض الكاف.. لا يصب فيها إلا شروره و حقده و قيئه.. هذا ما سنرقبه أياما قليلة..
ما رقبناه اليوم هو و إعلان السادة في أرض الحظ .. هناك.. في عاصمة السلطان انطلاق الدراسة في المدارس البراقة عندهم.. خرجوا بربطات عنق فاخرة و وجوه لامعة.. و كأس ماء معدني بلا شوائب.. ليقولوا لنا "الأحوال بخير.. و كل المدارس بخير.. و كل التلاميذ بخير".. في ذات الوقت.. جلس الفتى في عمق ريف بومفتاح و سيدي أحمد الصالح و كبوش و صالح البحري..الفالتة.. قلعة سنان... المحجوبة... سيدي خيار.. سركونة.. سيدي رابح... جزّة... في مقعد متهالك.. يُسمع أزيز معدنه من خارج القسم المتهالك.. بين الفينة والأخرى يُصفّر الريح من الشقوق الكثيرة.. في مدارسنا بأرياف الكاف.. حضر الجميع هناك اليوم، يوم العودة.. أتى الفتى في ما تيسر من لباس جديد.. ومعه والده.. إصطفوا أمام تحية العلم.. و اكتشفوا أن المدرسة بلا معلّم.. فالسلطان - الذي حدثهم البارحة أن الأحوال بخير- لم يجد الوقت بعد لتعيين معلم في ريف يغرق في الفقر والبطالة... اليوم عاد كل تلميذ لمقعده.. أياما قليلة.. ونرى بضعة مقاعد في مدرسة منسية لا تزال بلا تلميذ يلتحق بها.. فُقد قبل نصف سنة في حادث برج العيفة.. على الطريق هناك.. يومها قال السلطان انه ثمة مشكلة.. و وعد بحلها.. نزلت أمطار أواخر الشتاء و مسحت الدم عن طريق الموت و من ذاكرة السلطان.. اليوم عاد تلاميذ الكاف الى مدارسهم.. تذكروا يا فتيتي.. انتم أمل هذه البلاد.. تذكروا.. يا فتيتي.. أنتم أمل البلاد و الوطن إن حكمها سلطان جاحد.. كونوا رجالا.. لا تكترثوا لصفير الرياح من شقوق المدارس المتهالكة.. و لا للوحل الكثير في الطريق نحو المدرسة و لا الموت المتربص بالشاحنة الخفيفة على طريق برج العيفة.. فقط.. القلم و الكتب و الكراس.. ستصيرون رجالا.. و سيصير الكاف أحلى بكم..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق